الذكاء الاصطناعي

الصحافة والذكاء الاصطناعي..تأثر وتأثير

الصحافة والذكاء الاصطناعي..تأثر وتأثير

ساهمت التكنولوجيا بمختلف مراحل تطوراتها في إحداث انتقالات محرزة الأثر والتأثير على واقع الصحافة والإعلام، حيث أنه مع كل مرحلة تطور وتقدم شهدته الفضاءات التكنولوجية لم تصل في أي من مراحلها إلى حد الإستغناء عن الجهد البشري،كما هو الحال مع المرحلة التي يمثلها الذكاء الاصطناعي،في عامة شئون ومجالات الحياة،ومن ضمنها مجال الصحافة والإعلام.

الذكاء الاصطناعي و تطور التكنولوجيا

تطور التكنولوجيا المتواصل من فترة لأخرى، كان غالباً ما يتركز في إعادة تأهيل التكنولوجيا بشكل متقدم ومتطور أكثر مما هي عليه، وبالتالي كانت في كل فترة تطور وتقدم تصل إليه، كان العنصر البشري يقضي أعماله وخدماته ويلبي رغباته بجهد أقل ووقت قصير مع إحراز نتائج أكثر منفعة وبنطاقات واسعة.

على سبيل المثال،نأخذ جزءًا بسيطاً من أثر التطور المتكرر للتكنولوجيا على واقع الصحافة والإعلام بمختلف وسائله وأشكاله وأدواته ومحتوياته، لننظر بعد ذلك مستوى السهولة والبساطة والشمول الذي اكتسبته من واقع التطور التكنولوجي المتكرر من فترة إلى أخرى، بالإضافة للوقوف أمام التغيرات التي نتجت بفعل التكنولوجيا على صناعة المادة الإعلامية.

وبالنظر إلى سلسلة التطور التكنولوجي من بدايتها نجد أنها اهتمت في معظم حالاتها بتطوير الوسيلة والأداة المخصصة لنقل وعرض المادة الإعلامية، أي أن التطور الحاصل كل مرة كان محصوراً في شكل وطبيعة عمل الوسيلة الإعلامية، ويترك للشخصية الإعلامية إمكانية صناعة وإعداد ومتابعة المادة، ومخاطبة الجمهور.

وفي مجمل تلك التطورات التكنولوجية التي سبقت مرحلة الذكاء الاصطناعي، تمكن الصحفيون من عرض شخصياتهم وإظهار مهاراتهم في صناعة المواد الصحفية والإعلامية، بطرق وأساليب وقوالب متعددة، بمتعة فائقة، وتفاهم مطلق، فمنذ ظهور علامات التطور على وسائل وأدوات نقل وعرض الأخبار والأحداث، بدأت الصحافة تأخذ طابعاً حيوياً وتنال اهتماماً كبيراً على نطاقات أوسع، جعلها في إحدى المراحل التاريخية ” الحرب العالمية الأولى والثانية”، تحوز على مستوى عالٍ من الاهتمام وبالتالي تحقيق أهدافاً غير متوقعة في مسارات الحرب .

الذكاء الاصطناعي ومؤسسات الصحافة والإعلام

خلال هذه الفترات التي مرت بها التكنولوجيا ظلت بنظر خبراء ومختصي ومؤسسات الصحافة والإعلام عباره عن وسيلة من وسائل الاتصال والتواصل بين مؤسسات ومختصي الإعلام والجمهور المتلقي للمعلومة وتفاصيلها، بالإضافة لكونها أداة من الأدوات المتاحة لمحاولة الصحفي ربط الجمهور بمكان وطبيعة وأجواء الحدث، هكذا بدت الصحافة في مرحلة الراديو ومرحلة ما قبل الراديو،بالاضافة لمرحلة ظهور التلفزيون وفضائيات الأقمار الصناعية،ثم مراحل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية ثم المحمولة ….الخ، كانت تتغير من حيث وسيلة النقل والعرض،لكن بقي الصحفي هو المخول الوحيد بصناعة أي مادة صحفية.

 

مؤخراً ومع إدخال الذكاء الاصطناعي في مجالات الصحافة والإعلام بدأ الكثير يناقش مستقبل الصحافة والعاملون في مجالاتها، هناك مخاوف حقيقية تراود الكثير، عما سيتسبب به الذكاء الاصطناعي في مجالات الإعلام، البعض يرى بأن الذكاء الاصطناعي سيحل بديلاً عن موظفي الإعلام، والبعض يعتقد بأن الذكاء الاصطناعي سيمثل التحدي الأكبر أمام بقاء عدد كبير من مؤسسات الإعلام.

 

إلى أين مدى يمكن أن تتحول تلك المخاوف إلى واقع حقيقي مع الذكاء الاصطناعي؟!،

تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تبدوا مرحلة تختلف إلى حد كبير عن تكنولوجيا التلغراف والراديو والتلفزيون، في مجالات الإعلام، خاصة مع الإمكانيات الهائلة التي يتميز بها الذكاء الاصطناعي، وهي التي تجعله قادراً على أن يكون وسيلة وأداة لصناعة ونقل وعرض المادة الإعلامية ،وبذات الوقت وسيطاً جذاباً بين مضمون الرسالة وأدوات صناعتها ووسائل عرضها من جهة،والجمهور المتلقي من جهة ثانية، هذا بالإضافة لإمكانية أن تصل به إلى مرحلة الشريك والمنافس الحقيقي للعاملين في قطاع الإعلام، وهو ما يثير قلق الكثير من خبراء وموظفي الإعلام، كونه “أي الذكاء الاصطناعي” بهذه الإمكانيات غير المحدودة، يمثل -بحسب آراء- تهديداً مباشراً لمصادر عمل عدد كبير من المرتبطين بوظائف في مجالات الصحافة والإعلام.

 

ومع هذا التقدم الرهيب للذكاء الاصطناعي في ابتكارات الطرق الممكنة للقيام بمختلف الأعمال والمهام،يتخلق واقعاً يستوجب فيه على الإنسان المعاصر أن يبدي استعداده للانسجام معه ويتفهم حقيقة أن الذكاء الاصطناعي ثورة تكنولوجية تهدف لمساعدة الإنسان في أداء أعماله وتوفير الوقت والجهد له، لكن بطريقة مستقلة عن تدخل الإرادة الوظيفية لهذا الإنسان، أي أنه ومن خلال النظر لنتائج تجارب واستخدامات تطبيقات ومنصات الذكاء الاصطناعي يتبين بأن هناك مرحلة تكنولوجية جديدة “الذكاء الاصطناعي”،تتجه نحو إعطاء آلات وتطبيقات التكنولوجيا وروبوتات الذكاء الاصطناعي، حالة استقلالية عن تحكم الإنسان، لتكون بذلك شريكاً أساسياً ومنافساً صعباً للإنسان.

موقع الذكاء الاصطناعي الرئيسي